الأقسام الرئيسية
ابحث فى المدونة
المواضيع الاكثر مشاهده
أحدث المواضيع
ماذا قدم العرب والمسلمين على مدى تاريخهم فى علم الهندسة2:
استكمالا لما سبق فى موضوع اسهامات العرب فى العلوم الهندسية وقد وضحت فيما سبق انه سيتم التركيز على ما يسمى علم الحيل (الهندسة الميكانيكية حاليا).
وكنت قد بدات فى توضيح اسهامات العرب فى الهندسة من خلال إلقاء الضوء على سيرة حياة بعض العلماء العرب الذين كان لهم تاثير كبير فى تلك المجالات وههنا سنكمل بأذن الله من خلال حياة عالم وجدت أن المعلومات المتاحة عنه قليلة وقد لا يعرفه الكثيرون على الرغم من أنه قد اسهم بشكل كبير فى مجال هندسة الحيل،هذا فضلا عن أنه يعتبر حديث نسبيا من حيث السياق التاريخى إذ كانت حياته فى عهد الخلافة العثمانية كما سنتبين أن شاء الله.
وقبل البدء لابد من التوضيح أنه إذا أردنا أن نحكم على شخص أو حقبة تاريخية لابد أن نحكم عليها من خلال الظروف المحيطة بها فى ذلك الوقت وليس من خلال معايير العصر الحالى كما أنه لابد أن ناخذ فى الحسبان الحضارات الاخرى الموجودة فى ذات الحقبة الزمنية التى نتحدث عنها حتى يظهر من خلال المقارنة أهمية أو إسهامات الشخص أو المجموعة فى الحقبة الزمنية المذكورة.
عالمنا اليوم هو محمد بن المعروف بن احمد بن محمد بن احمد بن يوسف (932- 993) هجرية،(1525-1585) ميلادية ويلقب بتقى الدين وهو دمشقى المولد مكى النشأة مصرى الموطن. كان ابوه قاضيا فى القاهرة وقد أراد له أن يكون قاضيا أيضا.
عندما أكمل العاشرة من عمره وكان قد حفظ القرأن الكريم وموطأ مالك وقد تعلم مبادئ الحساب واللغة العربية أراد له والده أن يكمل تعليمه على يد علماء كبار فانتقل به للقاهرة كى يكمل أبنه التعليم على يد كبار الشيوخ فى الازهر.
وفى حى الازهر،كان الوراقون (باعة الكتب) والنساخون لكتب التراث المخطوطة فى علوم شتى غير شائعة فى علوم الرياضيات والطبيعة.ومن بين تلك المخطوطات كان صف من الكتب لدى الوراق يحتفظ به فى رف وراح تقى الدين يتصفح مخطوطات تلك الكتب فكانت كتبا فى الرياضيات والفلك وعلم الحيل وثار عقله فضولا لمعرفة ما بهذه الكتب من معارف.
إثر صلاة العشاء من ذلك اليوم جلس القاضى معروف مع أبنه تقى الدين وتصفح معه الكتب التى أتى بها وكانت كتبا لعلماء أغريقيين وعرب منهم فيلون وهيرون وأحمد بن موسى بن شاكر وابن الرزاز وابن الساعاتى وغيرهم. فسعد أباه بذلك ولكن واجهت تقى الدين مشكلتين اولهما أن والده كان يريده قاضيا وثانيهما أن أساتذه هذه العلوم قليلون فى مصر عدا الفلك ( وذلك لان السلطان سليم الاول كان قد أخذ مه العلماء المهرة والحرفيون فى كل المجالات معه الى القسطنطنية فضلا عن أن علماء هذه المواد المتخصصون فى هذه المجالات فى تلك الفترة كانوا يعيشون بالشام والعراق وتركيا) وقد عالج الأولى بأنه أكد لوالده أنه سيكون قاضيا إذ أنه قد أوشك أن يجاز فى علوم الفقه والتفسير والحديث وعلم أصول الدين وهذا ما حدث بالفعل كما سنتبين إن شاء الله اما الثانية فقد بدأ فى الكتب باولها تاليفا واكثرها تبسيطا وأخذ يتدرج فى المعرفة من كتاب الى ما فوقه وفى ذلك كان لا يغادر مع عائلته فى اثناء الاجازة بعد أنتهاء شهور الدراسة فى الازهر.
ومرت على تقى الدين فى عزلته العلمية خمس سنوات حصل فيها معارف الرياضيات والطبيعيات الى زمانه وراح يعيد تجارب العرب والاغريق واحدة واحدة وينتقدها ويعدل فيها ويعيد رسوم اّلاتها وشغله التفكير فى حيل هندسية جديدة.
بدأ ظهوره حينما سافر بعد وفاة والده بفترة حيث أخذ إجازته فى أن يكون قاضيا من أساتذته فى الازهر وسافر الى القسطنطنية وقد بلغ العشرين من عمره ( كان لابد أن يقابل شيخ الاسلام الذى يقيمه قبل أن يقرر أن يعطيه الاذن فى القضاء ثم يعرضه على السلطان ليأخذ الأذن فى مزاولة القضاء)، وأذن له السلطان فى ذلك ولكن أمره أن يبقى فى القسطنطنية بضع سنوات لانه صغير السن وهناك كانت أولى ابتكاراته الهامة ,ذلك لانه قبل أن يعرض على السلطان كان يقيم فى بيت شيخ الاسلام أنذاك وقد راى أبريق كبيرا من النحاس محكم الغطاء له عنفه ( أنبوب الصب) فوق نار وراح البخار يندفع بقوة من عنفة الابريق فركز فيه وعرف من ذاك قوة البخار.
وكانت أولى اّلاته التى تستخد البخار هى أله شواء ولكن لا يديرها الانسان ولكنها تعمل بقوة البخار واستعمل فيها ملاعق مقعرة ومروحة وتروس وكانت هذه بدايته.
وفى الصورة المحرك البخاري الدفع، وتم اختراعها من قبل تقي الدين في سنة 1551م.
وبعد ثلاث سنوات عاد الى القاهرة بعد أن كان- قد ذاع صيته فى القسطنطنية بمعرفته فى علم الحيل وانتشرت ألته- وصارت له ورشة صغيره فى حديقة بيته يعيد فى أوقات فراغه صنع نماذج اّلات هندسية وتدريب جيل جديد من العمال فى القاهرة.
ولكى لا نطيل فسنذكر سريعا إنجازاته دون الدخول فى تفصيلاتها أو شرحها ومن أهم انجازاته المضخة ذات الست أسطوانات (بالإنجليزية: Monobloc) سنة 1559م، التى مهد لإختراع المحرك البخارى الحديث على يد" نيوكومن" بعد أبتكار تقى الدين لمضخته بمائة وسبعين سنة. ووضع كتابه " الطرق السنية فى الاّلات الروحانية" وقد أكمل بكتابه هذا حلقة مفقودة فى تاريخ الهندسة الميكانيكية العربية بوصفه لكثير من الاّلات التى التى أستجد ت فى حياة الناس والتى استخدمها الناس ولم يرد ذكرها قبل تقى الدين فى كتاب.هذا فضلا عن أعماله فى الساعات الميكانيكية المتعددة الأ غراض للساعات والدقائق والايام والشهور ومنازل القمر والشمس وسمى هذه الساعات "حقّ(علبة) القمر" وتعتبر هذه الساعة من أهم الإبتكارات في الممارسة الفلكية في القرن السادس عشر ، حيث أن الساعات السابقة لها لم تكن دقيقة بما يكفي لإستخدامها في الأغراض الفلكية.
وعلى الهامش من الجدير بالذكر بانه قد أسس مرصد بالقسطنطينية وزوده بالاّلات الفلكية وبدأ العمل بالمرصد وتسجيل التغيرات الجديدة التى طرأت على حركة الكواكب والنجوم ومواضعها.
وقد وضع عالمنا الجليل الكثير من الكتب نذكر منها بالإضافة الى الكتاب السالف ذكره "فى علم البنكامات (الساعات)"و "الثمار اليانعة"و "ريحانة الروح فى رسم الساعات على مستوى السطوح"و "الدر المنثور فى تنظيم الفلك الدوار" و" سدرة منتهى الأفكار فى ملكوت الفلك الدوار" وهو فى الفلك و" نور حديقة الأبصار ونور حديقة الأنظار" وهو كتاب فى البصريات.
وإلى اليوم لاتزال مخطوطات معظم هذه الكتب تتناثر فى مكتبات دار الكتاب المصرية،وسبّات، والفاتيكان، وبرلين،وجواتا،واكسفورد،ودبلن،وباريس ،واستانبول.
وتحدثت عن تقى الدين بن معروف العديد من الموسوعات فى الشرق منها والغرب. منها موسوعات حاجى خليفة "كشف الظنون" وغيرها فى الشرق أما فى الغرب تحدث مؤرخو العلوم عن تقى الدين بينهم العلماء: سوتر، وموردتمان، وسيفام تكلى، وسايلى، ونيدفى، وفليدهاوس، وهاوسر، وويليامز.
وفى الغرب أيضا تحدثت عن دور تقى الدين فى تكنولجيا الهندسة الميكانيكية كتب وموسوعات
منها:
"تاريخ الاّداب العربية" لبروكلمان ، "مقدمة فى تاريخ العلم" لجورج سارتون، و "وتاريخ التكنولجيا" لسينجر، "والمهندسون والهندسة" لبابسونز وغيرهم.
وفى النهاية أرجو أن اكون قد وضحت بعض اسهامات العرب فى الهندسة ووضحت جزء من سيرة هذا الرجل الجليل وحياته التى لا يعلم عنها كثير منا وقد أطلق بعض مؤرخو العلم على القرن السادس عشر الميلادى الذى عاش فيه تقى الدين " عصر المضخة".
ونكمل فى مواضيع لاحقة باذن الله بعض اسهامات العرب وحياة بعض العلماء الاخرين الذين قدموا الكثير فى علم الهندسة وقد اثروا فى مسار البشرية بانجازاتهم وعلمهم.
أرجو أن تكونوا قد أستفدتم ونسألكم الدعاء.
Labels:
هندسة القوى والألات الكهربية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 comments:
إرسال تعليق
ضع تعليقك أو أستفسارك